تلخيص مقرر مادة علوم القرآن
مقدمة في علوم القرآن:
أ-التعريف والأهمية:
تعريف العلم:هو نقيض الجهل وهو إدراك الشيء على حقيقته ظنا أو يقينا ،وقيل هو الإدراك الجازم المطابق للواقع،ويطلق في الاصطلاح :على المسائل والقواعد المنضبطة بجهة واحدة موضوعا أو غاية ضبطا خاصا .ويمكن تمييز كل علم عن غيره بالنظر في مسائله وموضوعاته .
وإذا أطلق العلم فالمراد به العلم بالله سبحانه وتعالى وبصفاته وأسمائه وآياته وأفعاله في عباده وخلقه.
القرآن:قيل إنه مشتق من قرأ بمعنى تلا والدليل قوله تعالى [وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون]،وقيل مشتق من قرأ بمعنى جمع ،تقول قرأت الشيء قرآنا بمعنى جمعته.
وقال آخرون بعدم اشتقاقه فقالوا إنه غير مهموز وإنه علم غير منقول وضع اسما لكتاب الله كما يقال التوراة والإنجيل والزبور.
والحق أنه مشتق لقوله تعالى [إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ]فجمع بين التلاوة والجمع.
والقرآن في الشرع :كلام الله الذي نزل به جبريل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ،المتعبد بتلاوته المعجز المتحدى به المكتوب في المصحف ابتداء بالفاتحة وانتهاء بالناس المنقول إلينا بالتواتر.
علوم القرآن:هو -على الأصح-جملة المسائل المضبوطة بضوابط خاصة لها تعلق بالقرآن الكريم من حيث نزوله وكتابته وجمعه ومكيه ومدنيه وأسباب نزوله وقراءاته...وعلوم القرآن كثيرة ذكر منها الزركشي في برهانه سبعا وأربعين علما وهناك من أوصلها إلى أربع وخمسين بعد المائة .
وهذه العلوم تنقسم إلى قسمين :قسم له تعلق مباشر بالقرآن كالمكي والمدني وأسباب النزول والوقف والابتداء والقراءات وغيرها ،وقسم مشترك بين علوم القرآن وغيره من العلوم كإعراب القرآن وغريبه وبلاغته فهذا مشترك مع علوم العربية بالنظر إلى أن القرآن نزل بهذه اللغة ،وهو باعتباره نصا شرعيا تستخرج منه الأحكام فهو يشترك من جهة أخرى مع الفقه وأصوله.
من فوائد دراسة علوم القرآن
أ-أنها تعين الدارس على فهم كتاب الله معرفة مراد الله من كلامه .
ب-أنها تمكن الدارس من دحض مفتريات أعداء الإسلام وتفنيد مزاعمهم .
ج-علوم القرآن تورث تهذيب النفس وتزكيتها .
د-تعين على استنباط الأحكام من الكتاب والسنة.
النشأة و التأليف
1. النشأة :
• عهد النبي صلى الله عليه و سلم :
- نشأت علوم القرآن مع أول آية نزلت من القرآن الكريم ثم واكبت نزوله فعلمت أسبابه وأماكنه و مفهوم آياته ، إلى غير ذلك.
- اتخذ النبي صلى الله عليه و سلم كتابا للوحي من الصحابة منهم:الخلفاء الأربعة و أبي بن كعب و زيد بن ثابت و الزبير بن العوام و المغيرة بن شعبة و حنظلة بن الربيع و خالد بن الوليد و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و ثابت بن قيس.
• عهد الصحابة رضوان الله عليهم :
أ-عهد أبي بكر و عمر رضي الله عنهما :
كان الصحابة عربا خلصا فما احتاجوا كثير بيان و ظلت علوم القرآن تروى مشافهة ، و اشتهر بالتفسير عدد كبير منهم : الأربعة الخلفاء و العبادلة الأربعة (عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عمرو بن العاص ) و زيد بن ثابت رضي الله عنهم.
ب-عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه :
ظهر علم الرسم القرآني مع جمعه القرآن . ثم تلاه نقط المصحف و ظهر إعراب القرآن لدخول الأعاجم في الإسلام .
• عهد التابعين و أتباعهم :
أخذ عن الصحابة جم غفير من التابعين و كانت لهم تفاسير مشهورة ، و عنهم أخذ أتباعهم.
2. التأليف :
• فجر التأليف :
- ألف علي بن المديني (ت 234هـ) في أسباب النزول.
- ألف أبو عبيد القاسم بن سلام (ت244 هـ)في الناسخ و المنسوخ.
• التأليف في علوم القرآن :
اختلف في أول من ألف فيها على قولين :
القول الأول:محمد بن خلف المرزبان (ت309هـ)ألف (الحاوي في علوم القرآن)واعترض عليه بأنه كتاب في التفسير.
القول الثاني : علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي(ت430هـ) ألف (البرهان في علوم القرآن) و اعترض على هذا القول بأنه تناول علوم القرآن تطبيقا في التفسير لا تنظيرا.
• ثم توالت التأليفات :
-أبو الفرج بن الجوزي (ت597هـ) ألف (فنون الأفنان في عيون علوم القرآن).
-علم الدين السخاوي(ت641هـ) ألف كتاب جمال القراء ، و ألف تلميذه أبو شامة (ت665هـ) كتابه(المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالكتاب العزيز).
-بدر الدين الزركشي(ت794هـ) ألف (البرهان في علوم القرآن).
-جلال الدين السيوطي (ت911هـ)ألف كتابه العظيم (الإتقان في علوم القرآن) اختصارا لكتابه التحبير ،فعلا به بل صار من بعده عالة عليه.
• المؤلفات الحديثة :
-مناهل العرفان لعبد العظيم الزرقاني (ت1367هـ).
-المحرر في علوم القرآن لمساعد الطيار .
• المنظومات :
-منظومات عنيت بغريب القرآن و تفسير ألفاظه كألفية أبي زرعة العراقي في غريب القرآن ،و منظومة عبد العزيز الدميري الديريني في التفسير.
-منظومات في علوم القرآن ككل،منها منظومة الشيخ عبد العزيز الزمزمي على ما يتعلق بعلوم القرآن من كتاب (النقاية) للسيوطي.
الوحي و حاجة البشر إليه
1. لماذا الكلام عن الوحي و البداءة به؟
لأن حقيقة علوم القرآن تبدأ من هذه المسألة و هي الإيمان بالوحي.لأن الذي لم يؤمن بالوحي لم يؤمن بالقرآن و لا بالرسول صلى الله عله و سلم,و لم يحتج إلى أن يتعلم شيئا من علوم القرآن, فالإيمان بالقرآن فرع عن الإيمان بالوحي.
2.لماذا يحتاج البشر إلى الوحي ؟
• لأنه نور :
قال الله تعالى:{أومن كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } الأنعام 122. فهذا وصف المؤمن كان ميتا في ظلمة الجهل فأحياه الله بنور الإيمان .أما الكافر فميت القلب في الظلمات.
• لأنه روح :
قال الله تعالى:{وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا}الشورى 52.سمى الله تعالى رسالته روحا ,والروح إذا عدم فقدت الحياة.
• لأنه حياة القلوب :
قال الله تعالى:{أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق و الباطل فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال }.الرعد17.
3.الأصول الثلاثة التي بعث الرسل بها :
• الدعوة إلى الله:ويتضمن إثبات الصفات و التوحيد و القدر و ذكر أيام الله في أوليائه و أعدائه.
• تعريف الطريق الموصل إلى الله:ويتضمن تفصيل الشرائع.
• بيان حال العباد بعد الوصول إليه:ويتضمن الإيمان باليوم الآخر والجنة والنار و الثواب و العقاب.
و البشر أحوج ما يكونون للوحي لاستحالة استقلالهم بإدراك تفاصيل هذه الأصول الثلاثة.
تعريف الوحي:
للوحي في اللغة معان منها:
ـ الإشارة السريعة الخفية والإعلام السريع الخفي، ففيه معنى السرعة والخفاء.
ـ الكتابة والمكتوب.
ـ الإلهام وهو شيء يقذف في قلب الشخص يدله على ترك أو فعل. والإلهام منه ما هو فطري كما في قوله تعالى: ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني)، ومنه ما هو غريزي كالوحي إلى النحل، كما قال تعالى: ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيتا ومن الشجر ومما يعرشون) أو الوحي للجماد كقوله تعالى: (يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها).
ـ وساوس الشيطان كما قال تعالى: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ).
تعريف الوحي في الشرع:
ـ باعتبار الموحى: هو كلام الله المنزل على نبي من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
ـ باعتبار فعل الإيحاء: إعلام الله تعالى لأحد من أنبيائه بحكم شرعي أو خبر أو نحو ذلك.
أنواع الوحي أو كيفيته:
النوع الأول: الوحي بطريق الرؤيا الصالحة
ما يراه الإنسان في منامه لا يخرج عن ثلاثة أشياء
الأول: أن يكون رؤيا من الله تعالى.
الثاني: أن يكون حديث نفس فيرى الإنسان ما كان يهم به في اليقظة.
الثالث: أن يكون حلما من الشيطان.
عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته، فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة »، قال، قلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن ماجه وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح رجاله ثقات وصححه الألباني.
ومما جاء في النوع الأول، وهو المقصود هنا في هذا الباب، ما رواه أحمد ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة ».
وعن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة» أخرجه البخاري ومسلم.
وقد ثبتت روايات أخرى فيها « جزء من أربعين جزءا من النبوة» و «جزء من خمسين جزءا من النبوة» و « من ستة وعشرين»...وغيرها.
وأفضل ما جمع به أهل العلم، كابن جرير الطبري وابن عبد البر رحمهم ا الله، بين هذه الروايات أن الاختلاف يرجع إلى حال العبد المؤمن وعلى حسب ما يكون عنده من صدق الحديث وأداء الأمانة والدين المتين وحسن اليقين.
والرؤيا إذا وقعت للأنبياء فهي صدق محض لأن رؤياهم عليهم الصلاة والسلام وحي، عن عبيد بن عمير قال: إن رؤيا الأنبياء وحي ثم قرأ (إني أرى في المنام أني أذبحك ). أخرجه البخاري معلقا (1).
ويدل على هذا النوع ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. رواه البخاري ومسلم.
من حِكَم وحي الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا:
ـ تدريج الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم لئلا يفجأه الملك.
ـ التقديم لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، لكونها أمرا عظيما، فيقدم لها بذلك ليكون أدعى لقبولها.
النوع الثاني: الوحي بطريق الإلهام
ويدل لهذا النوع قوله عليه الصلاة والسلام: « إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته» أخرجه أبو نعيم وله شاهد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وذهب بعض العلماء إلى نفي هذا النوع من الوحي لضعف الحديث عندهم.
و الإلهام في حق الأنبياء وحي وصدق لأنهم معصومون، أما في حق غيرهم فلا يدل على حكم شرعي لا للملهم ولا لغيره، كما يقوله المتصوفة الذين خالفوا إجماع أئمة المسلمين على ذلك.
النوع الثالث: وهو أن يكلم الله تعالى النبي من وراء حجاب بلا واسطة
ودليله قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)
وقد وقع هذا النوع لموسى عليه السلام كما قال الله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي)
ووقع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الإسراء: « فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ » رواه أحمد ومسلم.
النوع الرابع: وهو أن يكلم جبريل النبي بالوحي:
ويدل عليه من القرآن قول الله تعالى (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ) وقال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) والروح الأمين جبريل عليه السلام وعليه عامة أهل التفسير.
ونص أهل العلم على أن القرآن لم يتلقه النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذه الطريقة أي عن طريق جبريل عليه السلام، ولم يسلم بذلك بعض أهل العلم واستدلوا بما ثبت عن أنس، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: «أنزلت علي آنفا سورة» فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر) ثم قال: «أتدرون ما الكوثر؟» فقلنا الله ورسوله أعلم، قال: " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب، إنه من أمتي فيقول: ما تدري ما أحدثوا بعدك » أخرجه أحمد ومسلم.
ورد على ذلك بأن هذه الإغفاءة ليست بالنوم المعهود، بل إغفاءة كانت تأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حالة الوحي. كما يحتمل أن تكون السورة نزلت قبل ذلك ويكون الحديث بيانا وتفصيلا للكوثر.
وهذا النوع إما أن يأتي صلصلة كالجرس وإما أن يأتي جبريل عليه السلام فيكلم النبي صلى الله عليه وسلم كفاحا، والدليل ما أخرجه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول» قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا.
نزول القرآن
أهمية المبحث :
يتعلق مبحث نزول القران بأبواب الإيمان بالله تعالى ،ومنه الإيمان بأسمائه و صفاته و القرآن كلام الله عز و جل غير مخلوق ؛ففيه إثبات صفة الكلام وصفة العلو لله عز و جل.
كما أنه لا قيام لغيره من العلوم المرتبطة به ـ أي بنزول القرآن ـ من معرفة المكي و المدني و الناسخ و المنسوخ و أسباب النزول ؛إلا بهذا المبحث .
معنى النزول : يدل النزول على وقوع الشيء و هبوطه .
و قد نفى الكثيرون ممن ألفوا في هذا الفن ـ أي علوم القران ـ أن يكون هذا المعنى لائقا بالقرآن ،و أولوه بالإعلام كما قال به الزرقاني فيً مناهل العرفان ً و ابن عقيلة المكي في :ً الزيادة و الإحسان ًًًً أما الجهمية فقالوا :أنزل بمعنى خلق و استدلوا بقوله تعالى (و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للناس ) و قال الكلابية هو الإعلام و الإفهام . و الصواب ما ذهب إليه شيخ الإسلام في رسالته : ً التبيان في علوم القرآن ًوفيه كما قال رحمه الله تعالى أن النزول على ثلاثة أنواع :
( 1 نزول مقيد بأنه منه ؛و هذا النوع خاص بالقرآن وحده ،و الدليل قول الله تعالى : (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) الجاثية 2 و لهذا قال السلف رضوان الله عليهم : القرآن كلام الله ليس بمخلوق منه بدأ و إليه يعود ،أي هو سبحانه المتكلم به .
(2نزول مقيد بأنه من السماء ؛و السماء اسم جنس لكل ما علا فإذا تقيد بشيء معين تقيد به ، و الدليل قوله تعالى (و أنزلنا من السماء ) المومنون18
(3نزول مطلق وقد ورد في مواضع كثيرة من القرآن ومنها قوله تعالى ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المومنين ـالفتح 4 ـ )و قوله تعالى (فأنزل الله سكينته على رسوله و على المومنين ـ الفتح 26 ـ ) و منه تنزل الملائكة على قلوب المومنين (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ـ الأنفال 12 ـ ) ومنه إنزال الميزان وهو العدل عند جمهور المفسرين .قلت :استوقفني كلام القشيري رحمه الله وفيه (قال القشيري: وقد أحسن فيما قال، إذ لو حمل الميزان على هذا فليحمل الصراط على الدين الحق، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة، والملائكة على القوى المحمودة. وقد أجمعت الأمة في الصدر الأول على الأخذ بهذه الظواهر من غير تأويل. وإذا أجمعوا على منع التأويل وجب الأخذ بالظاهر، وصارت هذه الظواهر نصوصا )
و منه إنزال النعاس أمنة على المومنين في بدر ، وإنزال الحديد و الأنعام وقد اختلف في معناه بين الجعل و الخلق ،أما عن الحديد فقد مر معنا في قول الجهمية و أما عن الأنعام فقوله تعالى (و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ) ولم يرد في الآيتين ذكر الإنزال من السماء و إنما ذكر الإنزال فقط ،و معلوم أن الإنزال هو مجيء الشيء و الإتيان به من علو إلى أسفل ،فالأنعام تخلق بالتوالد المستلزم إنزال الذكور الماء من أصلابها إلى أرحام الإناث .و الأجنة تنزل من بطون أمهاتها و المعادن من أعالي الجبال .
و الله تعالى لم يستعمل النزول فيما خلق من السفليات فلم يقل أنزل النبات و لا أنزل المرعى و أنما استعمله فيما يخلق في محل عال و أنزله من ذلك المحل .
ثم ختم شيخ الإسلام رحمه الله تعالى الرسالة بقوله أن النزول المتعلق بالقرآن لا يمكن أن يخرج عما تعرفه العرب من هذا المعنى فإنه نزل بلغتهم .
" كيفية نزول القرآن "
قال ابن عباس رضي الله عنهما :"أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ُثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة و قرأ :و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث .
و هذا الذي عليه جمهور أهل العلم وهو أن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة ودليله قول الله عز وجل (إنا أنزلناه في ليلة القدر )ثم أنزل بعد ذلك مفرقا في عشرين سنة .
و استدلوا على وجود القرآن في اللوح المحفوظ بقول الله تعالى في سورة الزخرف ـ آية 4 ـ "و إنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم " وفي سورة البروج بقوله تعالى "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ "،أما وجوده فيه بكيفية و في وقت فهذا لا يعلمه إلا الله تعالى لأنه لم يرد عنه شيء من الوحي يدل عليه و الله أعلم .
أما التنزل الثاني على النبي صلى الله عليه وسلم فكان بسبب و بغيره و أكثر آي القرآن نزل ابتداء بغير سبب ،و قد يكون النزول جزءا من لآية ،ومثاله ما جاء عن زيد بن ثابت في قول الله عز وجل "لا يستوي القاعدون من المومنين والمجاهدون في سبيل الله "فقام ابن أم مكتوم ـ وهو أعمى ـ يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع من فضل الجهاد في سبيل الله ؛ثم نزل قول الله عز وجل فقرا زيد "لا يستوي القاعدون من المومنين "ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " غير أولي الضرر "فهذه أنزلها الله وحدها و هي جزء من آية .ومثاله أيضا ـ من الفجر ـ في الصيام .
الحكمة من نزول القرآن مفرقا
ورد في الحكمة من تنزيل القرآن منجما ما دل عليه النص و ما هو معقول المعنى ،أما الذي دل علي الدليل فهو :
*تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه و سلم ؛قال تعالى (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك و رتلناه ترتيلا )
*تسهيل حفظه و تيسير فهمه وقد ذكر الله هذا في ثلاثة مواضع 1)لا تحرك به لسانك لتعجل به 2)و لا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه 3)سنقرؤك فلا تنسى .
و أما ما ذكر العلماء مما هو معقول المعنى فمنه :
*مسايرة الحوادث و الوقائع
*فيه دليل على وحدة المصدر ـ أي أن القرآن كله من عند الله تعالى إذا ما قورن أول ما نزل بآخر ما نزل ظهر ذلك في أسلوبه ونظمه المحكمين المتحدى بهما .
*زاد السيوطي رحمه الله أن تنجيم القرآن أدعى لقبوله .
المكي والمدني
هذا الفصل له أهمية كبرى، يحتاج إليه كل دارس لعلوم القرآن، ولطالب العلم بالخصوص, وأهميته تظهر من فوائده المتعددة ونذكر منها ما يلي :
- تمييز الناسخ من المنسوخ ,نظرا إلى تأخر المدني عن المكي.
-أنه يعين الدارس على معرفة تاريخ التشريع، والوقوف على سنة الله الحكيمة في تشريعه، بتقديم الأصول على الفروع، وترسيخ الأسس الفكرية والنفسية، ثم بناء الأحكام والأوامر والنواهي عليها، مما كان له ا لأثر الكبير في تلقي الدعوة الإسلامية بالقبول .
-الثقة بهذا القرآن وبوصوله إلينا سالما من التغيير والتحريف،و اهتمام المسلمين به وبعلومه خير دليل على ذلك .
-حرص السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم وجهدهم الكبير في الحرص على المكي والمدني .
-تحصيل الفهم الصحيح لآيات القرآن وسور ه، لأن معرفة تاريخ النزول وظرف الآيات يساعد على فهمها وإدراك مقاصدها، فقطع النصوص عن سياقها الزماني أو المكاني يضيع سبيل الفهم السليم.
-تذوق أساليب القرآن الكريم، والاستفادة منها في أسلوب الدعوة.
- الوقوف على السيرة النبوية من خلال الآيات القرآنية الكريمة.
تعريف المكي والمدني:
انقسام الخلاف في ذلك على ثلاثة أقوال:
-القول الأول : اعتبار المكان، أي أن ما نزل من السور والآيات بمكة وضواحيها، فهو مكي، وما نزل بالمدينة وضواحيها، فهو مدني .وضعف هذا القول من ضعَفه من أهل العلم ,لأن ضابط اعتبار المكان فيه قصور ,كقوله تعالى: {وَلكن بعدت عَليهم الشقَّة} ( 42 ) سورة التوبة, فإنه نزل بتبوك.
-القول الثاني: اعتبار الزمان, أي أن ما نزل قبل الهجرة فهو مكي ,وما نزل بعدها فهو مدني , وهو الصحيح المشهور.
-القول الثالث: اعتبار المخاطب، وهو أن ما كان فيه الخطاب ب:"يا أيها الذين آمنوا" فإنه مدني وما وقع الخطاب فيه ب :"يا أيها الناس" فإنه مكي.
ويِرد على هذا القول أمران:
الأول: أن في القرآن ما نزل غير مصدر بأحدهما نحو :"يا أيها النبي اتق الله" وفيه من السور ما لم يتضمن أي النداءين.
الثاني : أن هذا الضابط غير مطرد فهناك آيات مدنية صدرت ب:"ياأيها الناس" والعكس كالنساء فأولها وهي مدنية "يا أيها الناس" ، والبقرة مدنية وفيها "يا أيها الناس" وسورة الحج مكية وفيها "يا أيها الذين آمنوا".
تحديد العلماء للسور المدنية والمكية :
هنالك إجماع بين العلماء عشرون -20- سورة مدنية و اثنتان وثمانون مكية واثنتي عشر-12- مختلف فيها .
السور المدنية: عشرون -20-
وهي: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنفال، التوبة، النور، الأحزاب، محمد، الفتح، الحجرات، الحديد، المجادلة،الحشر، الممتحنة، الجمعة، المنافقون، الطلاق، التحريم، والنصر.
السور المختلف فيها: اثنتا عشرة - 12-
وهي: الفاتحة، الرعد، الرحمن، الصف، التغابن، المطففين، القدر، البينة، الزلزلة، الإخلاص، الفلق، والناس.
السور المكية: اثنتان وثمانون - 82- , وهي التي لم تذكر أعلاه.
-لمعرفة المكي والمدني طريقان:
الأول: سماعي: وهو النقل الصحيح عن الصحابة أو التابعين.
الثاني: قياسي اجتهادي: ويستند إلى ضوابط كلية،لكل من المكي والمدني، وهذه الضوابط مبناها على التتبع والاستقراء المبني على الغالب.
- الضوابط القياسية التي يعرف بها المكي :
-1-كل سورة فيها سجدة ، إلا سورتا الرعد والحج عند من يقول إنهما مدنيتان.
-2- كل سورة فيها كلا فهي مكية،
-3 -كل سورة فيها "يا أيها الناس" وليس فيها "يا أيها الذين آمنوا"، إلا سورة الحج ففي آخرها "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا" مع أن بعض العلماء يرى أنها مكية.
-4 كل سورة في أولها حروف الهجاء ك "الم" ، و "الر"، ونحو ذلك , سوى البقرة وآل عمران، وفي الرعد خلاف، فيرى بعض العلماء أنها مكية.
-5 كل سورة فيها قصة آدم وإبليس سوى البقرة.
-6 كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السابقة سوى البقرة.
-7 كل سورة من المفصل، ويرى العلماء أن يحمل ذلك على الكثرة الغالبة من سور المفصل، لا على جميعها .
- الضوابط القياسية التي تعرف بها السور المدنية:
-1 كل سورة فيها إذن بالجهاد أو ذكر له وبيان لأحكامه فهي مدنية.
-2 كل سورة فيها تفاصيل لأحكام الحدود والفرائض والحقوق، والأحكام الاجتماعية والدولية .
-3 كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية ما عدا سورة العنكبوت، إلا أن الآيات الإحدى عشرة الأولى منها
مدنية وفيها ذكر المنافقين.
-4 كل آية بدأ فيها الخطاب بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا" .
-5 كل سورة فيها مجادلة أهل الكتاب.
خصائص السور المكية والمدنية:
- الخصائص التي تتميز بها السور المكية:
* الخصائص الأسلوبية:
-1 قصر الآيات والسور، وإيجازها وقوة تعبيرها وتجانسها الصوتي.
-2 كثرة أسلوب التأكيد ووسائل التقرير ترسيخا للمعاني، كالإكثار من القسم وضرب الأمثال والتشبيه.
-3 كثرة الفواصل.
*الخصائص الموضوعية:
-1 الدعوة إلى أصول الإيمان بالله واليوم الآخر وتصوير الجنة والنار.
-2 الدعوة إلى التمسك بالأخلاق الكريمة، والتشريعات العامة .
-3 مجادلة المشركين وتسفيه أحلامهم، وتشنيع القبيح من عاداتهم بحجج دامغة وبراهين مقنعة.
-4 إنذار المشركين والكفار بما قص عليهم من أنباء الرسل مع أقوامهم بانتصار أهل الإيمان وإبادة أهل الكفر.
الخصائص التي تتميز بها السور المدنية:
* الخصائص الأسلوبية:
-1 سلوك الإطناب والتطويل في آياته وسوره.
-2 سهولة ألفاظها وخلوها من الغريب اللغوي في الغالب.
-3 الأسلوب الهادئ والحجة الباهرة عند مناقشة أهل الكتاب، والأسلوب التهكمي عند مجادلة أهل الكتاب وفضح نواياهم الخبيثة.
* الخصائص الموضوعية:
-1 التحدث عن التشريعات التفصيلية والأحكام العملية في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية.
-2 بيان قواعد التشريع الخاصة بالجهاد، وحكمة تشريعه، وذكر الأحكام المتعلقة بالحروب والغزوات والمعاهدات والصلح والغنائم والفيء و الأسرى.
-3 دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام ومناقشتهم في عقائدهم الباطلة وبيان ضلالهم فيها.
-4 بيان ضلال المنافقين وإظهار ما تكنه نفوسهم من الحقد والعداوة على الإسلام والمسلمين.
أسباب الاختلاف في تعيين المكي والمدني:
من أهم الأسباب ما يلي:
*- أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص في هذا الأمر.
*- الاختلاف بين العلماء في تحديد مصطلح المكي والمدني.
*- عدم التمييز بين ما هو صريح في السببية وما هو غير صريح فيها.
*- الاعتماد على قطعية بعض الضوابط وخصائص المكي والمدني.
*- اعتماد الروايات الضعيفة التي لا ترتقي إلى مستوى الاحتجاج .
بعض المؤلفات في المكي والمدني:
"كتاب المكي والمدني" لمكي بن أبي طالب القيسي (ت / 437 هـ).
- "المكي والمدني في القرآن واختلاف المكي والمدني في آيه" لأبي عبد الله محمد بن شريح الرعيني المقرئ (ت/ 476 هـ).
- "يتيمة الدرر في النزول وآيات السور" لأبي عبد الله محمد بن أحمد الحنبلي المقرئ (ت/ 656 هـ)، مخطوط.
- "كتاب المكي والمدني في القرآن" لعبد العزيز بن أحمد الديريني (ت/ 694 هـ).
- "تقريب المأمول في ترتيب النزول" لبرهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري المقرئ (ت/ 732 هـ)، مخطوط.
- "الكلام على أماكن من التنزيل" لابن أبي شريف برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعي (ت/ 923 هـ)، مخطوط.
"أرجوزة في القرآن المكي والمدني وما في تعداده من الخلاف" لمحمد بن أحمد بوزان الخزاني (حيا 1216 هـ) مخطوط.
أسباب النزول
1 ـ تعريف :
الأسباب جمع سبب ، ولغة هو كل شيء يتوصل به إلى غيره ، ويطلق على الحبل وعلى كل ما يكون صلة بين شيئين .
و اصطلاحا هي الحوادث والوقائع التي تقع .
أما النزول لغة ـ وكما سبق الإشارة إليه ـ تدل على هبوط الشيء ووقوعه و اصطلاحا لها معان كثيرة تختلف باختلاف نوع التنزل وما ارتبط به .
أما أسباب النزول فهي الوقائع التي تقع فتتنزل آية أو أكثر من القرآن الكريم متحدثة عنها أو مبينة لحكم يتعلق بها ...
2 أنواع النزول: منها ما يكون سبب نزوله قولا أو فعلا أو سؤالا .
* من أمثلة ما كان سببه قولا : الآيات الأولى من سورة العلق ، وكان سبب نزولها ما ذكره أبو هريرة عن فعل أبي جهل مع الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يطأ رأسه الشريف وهو في الصلاة فحيل بينهما .
* من أمثلة ما كان سببه فعلا : نزول الآية الكريمة :" وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " نزلت في أهل اليمن عندما كانوا يحجون ولا يتزودون بحجة التوكل على الله .
* من أمثلة ما جاء سببه سؤالا : نزول الآية : " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " نزلت عند سؤال الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم .
3 ـ من فوائد معرفة أسباب النزول أهمية أسباب النزول)
+ معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم على التعيين ، وفي ذلك نفع للمؤمن والكافر .
+ تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب .
+ الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال .
4 ـ من الأسباب العامة والخاصة للنزول:
السبب العام لنزول القرآن هو هداية الناس ودعوتهم للإسلام .
أما الأسباب الخاصة فتنقسم إلى قسمين:
أـ إما أن تكون الآية نزلت ابتداء بدون سبب وهي بذلك تندرج في المعنى العام للنزول .
ب ـ إما أن تكون الآية نزلت بسبب معين ، وهذا السبب يتنوع مصدره [ٌإما النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة ...]
ج ـ إما أ، تكون الآية نزلت بسبب مواقف لغير المسلمين من منافقين أو كفار أو يهود .
5 ـ عناية أهل العلم بأسباب النزول : وهذه العناية تأتي من ثلاث طرق :
أ ـ الطريق الأول : إفراد باب أو فصل له في علوم القرآن كما فعل بعض أهل العلم .
ب ـ الطريق الثاني : عناية المفسرين بأسباب النزول .
ج ـ الطريق الثالث : إفراد كتب خاصة بأسباب النزول ، ككتاب " أسباب النزول " لعلي بن المديني .
6 ـ طرق معرفة أسباب النزول :
الراجح في ذلك هو ما نصت عليه القاعدة : بأن القول في الأسباب موقوف على النقل والسماع ، أي الرواية الصحيحة فلا مجال للرأي و الاجتهاد في ذلك . أما رواية التابعي فلا تصح إلا بشروط من بينها صحة السند و الاعتضاد بمرسل آخر ...
7ـ صيغ أسباب النزول : وهما صيغتان :
- صيغة صريحة : كأن يقال حدث كذا فأنزل الله عز وجل كذا .
مثال على ذلك ما أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا في ظل حجرة فقال : "إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان" فطلع رجل أزرق (العينين) فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال "علام تشتمني أنت و أصحابك"فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم فأنزل الله :"يحلفون بالله ما قالوا" التوبة 74 ،الآية.
وأخرجه الحاكم و أحمد بهذا اللفظ و آخره فأنزل الله :"يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم" المجادلة 18،الآية،(متفق عليه).
صيغة غير صريحة وهي أن يقال نزلت هذه الآية في كذا ، هذه الصيغة تحتمل التصريح أو التفسير وقد بين العلماء أن فيها اختلافا هل تعد من قبيل السند أم لا .
تنبيه : قد يرد سبب النزول الواحد بالصيغتين معا لذا وجب تتبع الروايات قبل الحكم(يحمل غير الصريح على الصريح) .
معرفة أول ما نزل وأخر ما نزل:
هذا المبحث له تعلق بنزول القرآن من حيث أولية و آخرية هذا النزول،المطلقة . وله أهمية كبيرة لطالب علوم القرآن, لما له من الفوائد , نذكر منها ما يلي :
- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما إذا وردت آيتان أو آيات على موضوع واحد .
- أنه لابد للمفسر من معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل ليستقيم فهمه لآيات القرآن الكر يم .
- يعين على ضبط مباحث السيرة والمغازي ومعرفة تواريخ الأحداث.
- معرفة تاريخ التشريع الإسلامي ومراقبة سيره التدريجي والوصول من وراء ذلك إلى حكمة الإسلام وسياسته في الدعوة إلى الله .
- إظهار مدى العناية التي أحيط بها القرآن الكريم ,دليل على سلامته من التغيير والتبديل.
_طريق معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل:
مدار هذا المبحث على النقل والتوقيف ولا مجال للعقل فيه إلا بالترجيح بين الأدلة أو الجمع بينها فيما ظاهره التعارض منها .
_معرفة أول ما نزل :
اختلف العلماء في أول ما نزل على أربعة أقوال أصحها الأولان، والراجح منها الأول:
-القول الأول: وهو الصحيح الراجح أن أول ما نز ل: قوله تعالى:"اْقرأ بسم ربك الذي خلق" و استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه البخاري . وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية و الزركشي في البرهان و السيوطي في الإتقان و هو قول الجمهور.
-القول الثاني: أن أول ما نزل قوله تعالى: "يا َأيها اْلمدثِّر.." , و استدلوا بحديث يحيى بن أبي كثير في الصحيحين ,
وعند التحقيق يظهر أن الحديثين غير متعارضين، و الجواب عن القول الثاني من عدة أ وجه منها: وهو أقواها أن في بعض روايات حديث جابر نفسه في الصحيح الإشارة إلى مجيء الملك قبل ذلك .
الوجه الثاني: ما قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالأولية في قوله: (أول ما نزل سورة المدثر) أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي، أو مخصوصة بالأمر بالإنذار، لا أن المراد أنها أولية مطلقة، فكأن من قال أول ما نزل (اقرأ) أراد أولية مطلقة، ومن قال إنها المدثر أراد بقيد التصريح بالإرسال .
الوجه الثالث: ما أجاب به الكرماني قال: "فإن قلت المشهور بل الصحيح أن أول ما نزل هو "اقرأ بسم ربك الذي خلق" قلت:
ليس في حديثه أن هو"يا َأيها اْلمدثِّر" بل استخرج جابر ذلك من الحديث باجتهاده وظنه ، وهو لا يعارض الحديث الصحيح المذكور في أول هذا الجامع الصريح .
الوجه الرابع:أورده الحافظ جوابا قال: "ويحتمل أن تكون الأولية في نزول يا أيها المدثر بقيد السبب، أي هي أول ما نزل من القرآن بسبب متقدم، وهو ما وقع من التدثر الناشئ عن الرعب، وأما اقرأ فنزلت ابتداء بغير سبب متقدم، ولا يخفى بعد هذا الاحتمال.
ولابن القيم توجيه قوي، من أربعة أوجه قال: والصحيح قول عائشة لوجوه:
أحدها: أن قوله:« ما أنا بقارئ » صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئا.
الثاني: الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار، فإنه إذا قرأ في نفسه، أنذر بما قرأه، فأمره بالقراءة أولا، ثم الإنذار بما قرأه ثانيا.
الثالث: أن حديث جابر، وقوله: أول ما أنزل من القرآن "يا َأيها اْلمدثِّر" قول جابر، وعائشة أخبرت عن خبره صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك.
الرابع: أن حديث جابر الذي احتج به صريح في أ نه قد تقدم نزول الملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا قبل نزو ل "يا َأيها اْلمدثِّر ",والحجة في روايته، لا في رأيه .
-القول الثالث: أن أول ما نزل هو سورة الفاتحة، وقد استدل أصحاب هذا الرأي بحديث مرسل رجاله ثقات رواه البيهقي في الدلائل بسنده عن ميسرة عمر بن شرحبيل .فبطل هذا الرأي لأنه لا يصح المعارضة به أمام الحديث الصحيح السابق لعائشة رضي الله عنها.
ونسب الزمخشري هذا القول لأكثر المفسرين لكن تعقبه الحافظ ابن حجر وقال أن أكثر الأئمة ذهبوا إلى الأول .
-القول الرابع: أن أول ما نزل هو "بسم الله الرحمن الرحيم" واستدل قائلوه بما أخرجه الواحدي عن عكرمة والحسن .
ورد هذا الحديث الزرقاني من ناحيتين أحدها أنه مرسل والثاني أن البسملة تنزل صدرا لكل سورة إلا التوبة
_معرفة آخر ما نزل :
اختلف العلماء أيضا في تحديد آخر ما نزل إلى عشرة أقوال حكاها الزرقاني نذكر أقربها :
-القول الأول: آخر ما نزل آية الربا, واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما .
-القول الثاني: آخر ما نز ل: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى ا لله" واستدلوا بما جاء عن ابن عباس أيضا .
-القول الثالث: آخر ما نزل آية الدين وحكوا في ذلك آثارا عن الصحابة لا تصح , وقال السيوطي أن آية الربا وآية الدين أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف .
-القول الرابع: آخر ما نز ل:"يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة" واستدلوا بما في الصحيحين عن أبي إسحاق .
و قال الحافظ ابن حجر أن الجمع بين هذين القولين أن هذه الآية هي ختام الآيات المنزلة في الربا وأما حديث البراء عن آخر سورة النساء فيجمع بينه وبين قول ابن عباس بأن الآيتين نزلتا جميعا , والأول أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول .
-القول الخامس: أن آخر ما نزل قوله تعالى:"ومن يقتل مؤمنا متعمد ا" من سورة النساء واستدلوا بما في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير ويحمل على أنه آخر ما نزل في القتل .
وقال الإمام البيهقي والسيوطي هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل ما قاله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن أن كل واحد منهم أخبر بما عنده من العلم بما سمعه قبل وفات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
كُتَّاب الوحي
كتاب الوحي هم الصحابة الذين عرفوا بكتابة الوحي الذي كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم
و هذه الكتابة كانت في عهد النبي تخط في اللحاف والرقاع والعسب والأقتاب والأكتاف
و كتاب الوحي المشاهير, هم خمسة عشر رجلا من أصحاب النبي, وقد زاد أهل العلم على هذا العدد
يقول الناظم
و الوحي قد كان له كتاب ---أبي و الأربعة الأحباب
و زيد و الزبير و المغيره--- حنظلة وخالد العشيره
مــــعاوية و عامر يزيد --- وعمرو ثم ثابت و زيدوا
أبي بن كعب(ت22هـ)
هو أبي بن كعب ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أحد فقهاء الصحابة وقرَّاؤهم ، شهد بيعة العقبة الثانية ، وبايع النبي فيها وكان من الأنصار الذين نصروا رسول الله ، واستقبلوه في يثرب
شهد كل الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم وأمه صهيلة بنت الأسود، عمة أبي طلحة الأنصاري
كان يُكَنَّى بأبي الطفيل وأبي المنذر
وكان أبي بن كعب رضي الله عنه من أوائل الذين كانوا يكتبون الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ويكتبون الرسائل ، وكان من أحرص الناس على حفظ القرآن الكريم
وكان لا يخاف في الله لومة لائم. وكان من الذين لا يطلبون من الدنيا عرضًا. وكان أبي بن كعب رضي الله عنه مستجاب الدعوة. ورعًا تقيًّا يبكي إذا ذكر الله. ويهتز كيانه حين يرتل آيات القرآن أو يسمعها. توفي رضي الله عنه عام اثنتين وعشرين للهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وقول الناظم الأربعة الأحباب الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين وهم
أبو بكر الصديق(ت13هـ) هو عبد الله بن عثمان بن عامر، من قبيلة تيم بن مرة بن كعب،وفى مرة بن كعب يلتقي نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر، تميمية كأبيه وكنيته: أبو بكر، ولقبه: عتيق. ولُد أبو بكر سنة 573م بعد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة أعوام، ونشأ في مكة ،عُرف أبو بكر بترفعه عن عادات الجاهلية، وما كانوا يقترفونه من مجون وشرب خمر وارتبط قبل البعثة بصداقة قوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرًا على الحج في العام التاسع من الهجرة وأنابه في الصلاة عند مرضه ، وكان هذا أقوى مرشح له لتولى الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، و توَّج أبو بكر الصديق أعماله الجليلة بجمع القرآن الكريم فكلف زيد بن ثابت الأنصاري بمهمة تتبع القرآن وجمعه من الرقاع والعظام والعسب التي كان مكتوبًا عليها ومن صدور الرجال ، وجعل ذلك في مصحف واحد. قضى أبو بكر في الخلافة سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام قام فيها بجلائل الأعمال ونهض بمسؤولية قيادة الدولة على خير وجه، وعاش حياته للإسلام وللمسلمين .وفى أواخر شهر جمادى الآخرة من العام الثالث عشر للهجرة ،فاضت روح أبى بكر إلى بارئها في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة للهجرة ، وتولى بعده الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
عمر بن الخطاب(ت23هـ)
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي ، وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم أمه حنتمة بنت هشام المخزومية أخت أبي جهل لقبه الفاروق ، وكنيته أبو حفص ، وقد لقب بالفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل ولا يخاف في الله لومة لائم كان "عمر بن الخطاب" نموذجًا رائعا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة ، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم قتل يوم الأربعاء من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ،و هو ابن ثلاث و ستبن سنة ،وكانت مدة خلافته عشر سنين و خمسة أشهر،ودفن مع رسول الله، وصلى عليه صهيب بن سنان
عثمان بن عفان (ت35هـ)
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي قرشي أموي ،أمه أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس ولد بمكة، كان غنيا شريفا في الجاهلية. وكان أنسب قريش لقريش أسلم عثمان في أول الإسلام ، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين عرض عليه أبو بكر الصديق الإسلام فأسلم .
و كان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة ، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة تزوج عثمان رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهاجرت معه الهجرتين ولما توفيت حزن عليها حزنًا شديداً فزوّجه النبي صلى الله عليه وسلم أختها أم كلثوم لذلك لقّب بذي النورين لأنه تزوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه ودماثة أخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة وأخبره بأنه سيموت شهيدًا ، استخلفه رسول اللَّه على المدينة في غزواته وكان أعلم الصحابة بالمناسك ، حافظًا للقرآن انتخب عثمان للخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب ، وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة 23 هـ فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين
وكان من أهم إنجازاته جمع القرآن الكريم في مصحف مكتوب برسمه إلى الوقت الحالي استشهد في شهر ذي الحجة سنة 35هـ .
علي بن أبي طالب(ت40هـ)
أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي ولد في السنة23.قبل الهجرة في مكة ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحد أصحابه ورابع خلفائه ، أسلم قبل الهجرة بات علي بن أبي طالب في فراش النبي قبل الهجرة ليغطي عملية هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أول من أسلم من الصبيان، وثاني الناس إسلاما بعد خديجة رضي الله عنها ، تربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، وتزوج ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها شهد غزوة بدر وأحد والخندق، وبيعة الرضوان وجميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه رسول الله على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "كما ازدهرت الكوفة في عهده وبنيت بها مدارس الفقه والنحو ، وأمر الإمام علي بن أبي طالب أبا الأسود الدؤلي بتشكيل حروف القرآن الكريم لأول مرة.كان علي يؤم المسلمين في مسجد الكوفة وفي صبيحة يوم سابع عشرة من رمضان سنة أربعين للهجرة في صلاة الفجر،وعندما سجد علي في صلاته قام عبد الرحمن بن ملجم بضربه بالسيف على رأسه و دفن في النجف. ولذلك لقب علي بن أبي طالب بشهيد المحراب .
زيد بن ثابت (ت45هـ)
زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري من بني النجار من المدينة المنورة كان زيد بن ثابت يتابع القرآن حفظا ، ويكتب الوحي لرسوله ويتفوق في العلم والحكمة وحين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز . قال زيد : فكنتُ أتتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال ،وأنجز المهمة على أكمل وجه يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتبا منسقا ،وقال زيد في عظم المسئولية : والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه ، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن قال ابن سيرين: "غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين : بالقرآن والفرائض "توفي -رضي الله عنه- سنة45 للهجرة في عهد معاوية
الزبير بن العوام(ت36هـ)
حواري الرسول صلى الله عليه وسلم إنه الزبير بن العوام بن خويلد، أبو عبد الله الذي يلتقي في نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم فأمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أحد الستة أهل الشورى الذين اختارهم عمر؛ ليكون منهم الخليفة بعد موته، وزوج أسماء بنت أبي بكر الصديق أسلم الزبـير مبكرًا، فكان واحدًا من السبعة الأوائل الذين سارعوا إلى الإسلام هاجر الزبير إلى الحبشة مع من هاجر من المسلمين شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغزوات كلها وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم ((إن لكل نبي حواريًا وحواري الزبير )) كان - رضي الله عنه - يخاف أن يتحدث عن رسول الله بشيء لم يقله فيزل بذلك في النار، وخرج الزبير من معركة الجمل،
فتعقبه رجل من بني تميم يسمى عمرو بن جرموز وقتله غدرًا بمكان يسمى وادي السباع .ومات الزبير - رضي الله عنه - يوم الخميس من شهر جمادى الأولى سنة36 للهجرة : وكان عمره يوم قتل 66سنة و قيل 67 سنة
المغيرة(ت50هـ)
المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود، أبو عيسى وقيل أبو عبد الله،الثقفي صاحب رسول الله،اسلم عام الخندق، وأول مشاهده الحديبية. كان موصوفا بالدهاء وكان رضي الله عنه نكاحا للنساء،أحصن ثمانين امرأة ولاه عمر بن الخطاب على البصرة،ولم يزل عليها حتى قتل عمر، فاقره عثمان عليها،ثم عزله
اعتزل الفتنة بعد مقتل عثمان،فلما قتل علي،وصالح معاوية الحسن ودخل الكوفة، ولاه عليها.توفي رضي الله عنه في الكوفة سنة خمسين للهجرة
حنظلة بن الربيع(توفي في خلافة معاوية)
هو الصحابي أبو ربعي حنظلة بن الربيع الصيفي الأُسيِّدي التميمي ويقال له: الكاتب وهو أحد الصحابة الذين كتبوا لرسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الوحي ، وروى عنه شهد القادسية، ونزل الكوفة، وتخلّف عن علي بن أبي